الصحراء الغربية و فلسفة قائدها
إن فيلسوف البوليساريو وقائدها الأول "الولي مصطفى السيد" لم يعش طويلاً، ولم تسمح الظروف له بتعميق فكره، ويخط للحركة سياستها. والملامح الأولى تقول إنه وُلد في عام 1948 بمنطقة بئر الحلو بالصحراء الغربية، لوالدين ينحدران من قبيلة الرقيبات، ونزحت أسرته من بير كلو شمالاً، حتى استقرت في طان طان بجنوب المغرب. وفي مدارس المغرب تدرج الولي مصطفى في الدراسة، بعد أن تعلم قليلاً في زوايا الصحراء وطان طان وحفظ بعضاً من القرآن الكريم.
واستطاع الولي مصطفى، على رغم فقر أسرته، أن يلتحق بكلية الحقوق في جامعة المغرب، ودرس في فرع العلوم السياسية بها، بعد أن تنقل في مدارس طان طان ومراكش وتارودانت والرباط، وعانى كثيراً من الطرد من الدراسة لمواقف خاصة به، يقول عنها "محمد الأمين"، رئيس وزراء الجمهورية الصحراوية، ورفيق الولي منذ الطفولة: "منذ حداثته لم يؤمن، في يوم من الأيام، بأنه مواطن مغربي، وحتى عام 1973 لم يتقن اللهجة المغربية، على رغم أنه جاء إلى المغرب صبياً، فكان بين جميع أصدقائه ورفاقه في المدرسة، محط الأنظار، لأنه لا يتكلم اللجهة المغربية، في حين كان يجيد اللغة العربية إجادة كبيرة ويتقن اللهجة المحلية الحسانية (الصحراوية)، وكان دائماً يؤكد أن شعبنا لا علاقة له بالشعب المغربي إلا من حيث انتماؤه للعروبة والدين ووحدة المصير".
وترجع ثقافة الولي مصطفى للغة العربية لشغفه بالقراءة. كان يركز قراءاته على مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي، وطه حسين، والعقاد، وإحسان عبدالقدوس، وتوفيق الحكيم، وشعراء المهجر، وكل الكتب التي كتبها السيد قطب.
وقد تميزت فترة دراسته بالمغرب بعدة أشياء، منها:
1. أنه كان شديد الانتماء إلى العروبة بشكل عام، ولذلك عمد إلى دراسة آداب اللغة العربية ومتابعة الحركة الثقافية في المشرق العربي عامة، وفي مصر خاصة، وشغف بالقراءة لكبار كتابها كما سلف البيان.
2. أنه كان حركياً نشطاً، فقد فكر في عامي 67/1968 في إقامة اتحاد لطلاب الصحراء الدارسين بالمغرب، واتصل بعديد من التنظيمات والاتجاهات الطلابية في المغرب، وفي مدريد، ثم في بيروت.
3. أنه لهذا السبب تعرض لمصاعب كثيرة، بعد مشاركته في اجتماعات ومظاهرات طلابية معارضة، فاعتقل أكثر من مرة في الفترة بين 1971 ـ 1972.
4. وعلى رغم ذلك، ثبت أنه لم ينضم إلى أي حزب سياسي من الأحزاب المغربية، سواء المؤيدة للحكم أو المعارضة، وإن كان من الثابت أيضاً، أنه اتصل بعدد منها لمعرفة اتجاهاتها حول قضية الصحراء.
ومن ذلك، نستنتج أن الولي مصطفى السيد، كان منذ البداية في صف استقلال الصحراء، وقيام دولة مستقلة فيها، وهو الهدف الذي سعى إليه منذ تأسيس الخلية الأولى المحدودة، التي قادت، فيما بعد، حركة البوليساريو، منطلقة شرقاً، من طان طان في الغرب إلى تندوف داخل الحدود الجزائرية.
[b]